الأربعاء، 1 فبراير 2012

ســمــاح



(يا سمااااح .... انتى يا بت يا سمااااح)

تنادي الأم علي ابنتها من الغرفه المجاورة لتوقظها .. لا تستطيع الحراك من الفراش لشده المرض

تستيقظ سماح برويه .. تتململ في فراشها بكسل واضح

تبتسم .. يبدو أنه راودها حلم جميل

نداءات الأم لم تنقطع وهذة كأنها لا تسمع أو لا تعير لصوت أمها أي انتباه .. تريد الاستمتاع بما تذكره من حلمها قدر الامكان

تنظر الي النتيجه (التقويم)الى جوارها فيتسع ثغرها ابتساما

اليوم تتم سماح ال33 عاما .. وتريد ان تحتفل بالأمر علي طريقتها الخاصه
*****************

كعادتها كل يوم تنهي الأمور المنزليه بسرعه وتطبخ أيضا بسرعه ثم ترتدي ملابسها وتذهب الي خالتها القعيدة لتفعل مثلما فعلت بشقتها

علي هذا الحال كل يوم .. لا تغفل يوما

خالتها القعيدة البائسه قد سافر ابنها الوحيد (محمود) ليعمل بالسعوديه تاركا أمه في رعايه سماح .. وهي تقوم بالأمر علي أكمل ما يكون

لسماح عاده أخري لا يعرف عنها أحد


عندما تخرج من بيتها كل صباح قاصدة بيت خالتها تقضي بعض الوقت في منتصف الطريق عند أحد السنترالات العامه لتهاتف بعض الأصدقاء

ولم تنقطع سماح عن هذة العادة يوما منذ أن سافر محمود

لم يطرأ جديد علي حياتها لتغير هذا الايقاع المنتظم التي تسير به حياتها

أمها .. السنترال .. خالتها .. أمها مرة أخري

****************************

شعور قوي مختلف ينتابها .. لا تدري لم ؟!!ء

فلا فارق في عام جديد ينضم الي سنوات عمرها .. لكنها تريد أن تفعل شيئا خاصا

كعادتها انهت سماح أمور بيتها العالقه من ترتيب وتنظيف وتجهيز الطعام لأمها .. أعطت أمها الدواء .. ارتدت ملابسها واطمأنت الي النقود في حافظتهاوخرجت الي السنترال مباشرة

أخرجت قائمه أرقامها وبدأت تطلب في الاسم الأول

(أحمد شاكر )
شاب ذا 22 عاما .. تعرفت به منذ عامان تقريبا  وبذات الطريقه التي تعرفت بها الي باقي القائمه

تطلب أس رقم غريب يقفز الي ذهنها وعندنا تسمع صوت شاب تسأل عن اشخاص وهميه وتحاول أن تدير حوارا بكل الطرق

تطلب في اليوم مرة واثنين وثلاث وعشرة .. لم تمل .. ولا تأبه لكون ذلك فظا او منفرا ولا لعدد المرات التي اغلقت في وجهها الخطوط

نهرها الكثيرون وسبها الكثيرون ولكن ايضا لديها في القائمه الكثيرون

بدءا بـ أحمد شاكر
شاب في 27 من عمره  من مدينه طنطا يعمل مندوبا لتوزيع الادوات المنزليه وبعض المنظفات

رن الهاتف وجاء صوت أحمد رخيما بعيدا كأنه آت من الموت : مين معايا ؟؟
ترد بابتسامه تغمر وجهها : انت مش عارف صوتي ؟؟
يمتعض مبعدا الهاتف عن اذنه برهه بينما تنادي هي : روحت فين ؟!!!ء
- أيوة يا سماح عاوزة ايه علي الصبح
-ايه انت مش عاوز تسمع صوتي ولا ايه
-لآ
- طب ليه هو انا عملت حاجه زعلتك ؟؟
-هو كدا وخلاص وياريت ماتطلبيش تاني مش طالباكي خالص النهاردة

وأغلق الخط .. ولأنه يعلم جيدا أنها ستطلب مرات أخري لتسال عن سبب هذا الجفاء الذي لم يعاملها بغيرة منذ أن وقعت علي رقم هاتفه .. اغلق الهاتف نهائيا

حاولت هي الاتصالمرات أخري ولكن دون جدوي

بدي عليها الأسي قليلا كنها لم تلبث أن انتقلت الي الرقم الذي يليه في القائمه (عماد)ء
شاب عاطل في ال30 من عمرة يقطن بمدينه نصر لا عمل لديه ولا علم ولا أي شىء ينتفع به .. يعيش علي ايجار الشقتين الاتي تعلوانه من ارث أبيه

اتصلت برقمه فرد عليها قائلا : أيوة يا سماح
تهللت اساريرها وتسائلت : عرفتنى ازاي أنا لسه حتي ماتكلمتش !!ء
- من أرقامك الغريبه اللي بتطلبيني منها كل مرة .. مشناويه تشتري موبايل بقي عشان نتكلم بالليل براحتنا ؟شغل بالنهار دا ما بياكلش معايا
- محمود ابن خالتي قال هايبعتلي واحد
- ماعلينا من محمود .. انتي مش هاتيجي بقي
- اجي فين ياد انت
-الشقه عندي .. مانا قايلك قبل كدا اني قاعد لوحدي.. تعالي نتكلم براحتنا زي مانتي عايزة بدل ماحنا مقضينها تليفونات كدا وأهو بالمرة أشوفك
- وتشوفني ليه .. علي فكرة انا مش حلوة
- مش مهم الوش أكيد في حاجات تانيه حلوة
 بعشم مصطنع : عيب كدا يا عماد والله اقفل السكه ومش هاكلمك تاني
- وانا موافق
واغلق عماد الخط بسرعه وهو يعلم جيدا أنها ستتصل ثانيه
بدا عليها الاندهاش مما حدث لكنها عاودت الاتصال وعندما رد : عاوزة ايه مش قولتي مش هاتتكلمي تاني
- هو انت مش عاوز تسمع صوتي
- صوت ايه ياام صوت دانتي أي حد يسمع صوتك يفتكرك راجل 
بصي  .. أخر كلام عندي هاتجيلي الشقه كان بها مش هاتيجي هاحرق الخط دا واجيب واحد غيرة ومش هاتعرفى توصليلي تاني
ترد بغضب واضح تشوبه نبره جرح غائر : اجي فين جالك المرض
أغلق الهاتف نهائيا وعاد الي النوم مرة أخري

ظلت هي تحاول الاتصال به   وكان هو قد غط في نوم عميق

جلست علي أقرب المقاعد اليها يهتز قلبها وترتجف شفتاها واغرورقت عيناها بالدموع

كانت تريد أن تحتفل بعيد مولدها بان تتحدث الي اصدقائها جميعهم في يوم واحد .. أن تطرب قلبها بأصواتهم وأن تملأ وجدانها بحديثهم

جال بخاطرها (محمود ) ابن خالتها الذي طالما احبته وطالما تمنته.. لكنه أبدا لم ينظر اليها نظرة تشف ما بداخلها

لا هو ولا أي شخص آخر

عرض عليها شباب المنطقه كلهم ومنذ صغرها عروضا فاجرة وبكل وضوع

لكن لم يتقدم احدهم لخطبتها يوما

لا تدري لم ؟

أيعود الأمر الي قبحها الواضح ؟؟
كبر سني عمرها ؟؟
أم الي صوتها الذي يشبه صوت قطار الفحم القديم؟؟
الي جسدها البالى المشوب بالسمنه ؟؟
ام الي سمعه أختها الكبيرة التي لم تمتكل خطبتها 4 مرات حتي الآن؟؟

لا تدري لم !!!

طال بها التفكير والبؤس باديا علي وجهها

انتبهت فجاه الي الهاتف في يدها والقائمه في يدها الاخري

قررت أن تختصر القائمه الي اخرها

(أيمن عادل )
شاب صغير من احدي قري سوهاج .. يدرس بكليه التجارة وهو أقدم شخص في قائمتها وأقربهم الي قلبها أيضا

كانت تتحدث اليه كثيرا وكان يسمعها كثيرا دون ملل .. كان يشفي رغبته المللحه في الحديث الحديث فقط

لكنه للأسف لم يعد يجاريها منذ أكثر من عام ورغم ذلك لم تغفل عن الاتصال به يوما وفي كل مرة يغلق الهاتف بمجرد سماع صوتها

لم تياس من المحاوله .. من أن يتبادلا أطراف الحديث كما كانا يفعلان قبلا

اتصلت برقم هاتفه .. وكالعاده بمجرد أن تعرف الي صوتها اغلق الخط .. كررت المحاوله فأغلق الهاتف نهائيا

انتابها شعور عنيف بالحنق والمرارة و الغضب من كل شىء حولها .. رمت بالهاتف من يدها الي الحائط مباشرة فتناثرت أشلاؤه في كل مكان

ثار عليها عليها عامل السنترال فأخرجت حافظه نقودها واعطته كل مافيها من نقود دون النظر الي كون قيمتها أكثر بكثير من قيمه الهاتف

كأنها تنتقم من (محمود)الذي عرضها لمثل هذة المواقف ..هو يبعث اليها بالنقود لتعتني بأمه والتي تستغل نصفها تقريبا في مكالماتها هذه  

خرجت من المكان مسرعه والدموع تملاء وجهها .. تعبر الطريق لا تدري لم وبيتها في جانب السنترال من بعيد

تنظر الي السيارات بعمق  .. لم تفكر كثيرا والقت بنفسها أمام أسرع السيارات القادمه ودون سابق انذار

كانت الصدمه مؤلمه لدرجه لم تتوقعها قط

مشاهد كثيرة تمر أمام عينيها

بيوت وشرفات ونوافذ  ومحلات .. وعيون كثيرة تلتف حولها

ضباب كثيف غمر المكان وزالت كل ماكانت تنظر اليه .. أشخاص لآخرون التفو حولها .. أشخاص طالما تخيلت وجوههم ولم تؤمن بانها قد تراهم يوما ولكنها الآن تفعل

كل من في القائمه متواجد حولها الآن والغريب انهم جميعا يعاملونها بلطف لم تعتاده

بل ووصل الأمر الي أن طلب منها (أيمن عادل )الزواج وطبعا لم تتردد

تمر الأحداث بسرعه فتجد نفسها تجلس الي جواره في الكوشه والورود تحيط بهم من كل جانب والجميع من حولها سعداء يضحكون

فستان الزفاف الابيض الذي طالما تخيلته هاهي تنظر اليه الآن

ولكن لم تبكي أمها وهي من يجب أن تسعد من أجلها

لا تري امها ولكنها تسمع صوت بكائها وهي تميزة بدقه من بين ملايين اللأصوات

بدأت الضحكات تزول وينقشع الغمام رويدا رويدا وتتضح معالم المكان المحيط بها

أحاديث عابرة لأصوات تعرفها جيدا ميزت من بينها صوت أختها وخالتها

تسائلت ببطىء : أنا فين ؟؟

انتبه اليها الجميع وتغيرت بسرعه البرق قسمات وجوههم من الحزن والأسي الي الفرح الشديد

بادرت اختها بالحديث متسائله : انتي كويسه يا حبيبتي ؟؟

لحقتها أمها : الحمدلله انك فوقتي يا ضنايا

وتبعتهما الخاله : كدا تقلقينا عليكي يا بنتي

ردت سماح بتهالك واضح : هو ايه اللي حصل ؟

أجابتها أمها بأسي مرير : عربيه خبطتك وهربت ولولا ولاد الحلا اللي نقلوكي المستشفي هنا بسرعه كان زمانك روحتي في شربه ميه منه لله البعيد الهي يجيل .. قاطعتها سماح : مالوش لزوم يا ماما

المهم الدكتور قال ايه : ماتقلقيش يا حبيبتي الدكتور طمنا خالص قال هي شويه كدمات وهاتروح بالوقت وادالك حقنه هي اللي نيمتك لحد دلوقتي

سماح :هو انا هنا من زمان ؟
الأخت : امبارح بس

لم يمكثو طويلا حتي جاءوها بطعام وفاكهه وأعطوها الدواء الذي امر به الطبيب

مر الوقت بطيئا مملا حتي هبط الليل بكئابته المعتاده وظلامه المعتم ورغم انهافي غرفه مضيئه في المستشفي الا انها شعرت بكئابته وعتمته يخترقان الجدران

طلبت سماح من أختها ان تصحب أمها وخالتها الي البيت فلا جدوي من بقائهما ثم تعاودها في الصباح

وعندما همو بالرحيل نادت أختها  خلسه وطلبت منها أن تترك لها بعض النقود وهاتفها الي الصباح فقط .. لم ترد الأخت ان تعارض اختها خاصه وهي في هذه المحنه فانصاعت لرغبتها وأعطتها ما تريد

وبمجرد أن رحلو أعطت سماح النقود لإحدي الممرضات لتأتيها بكارت شحن

اتصلت بأول رقم قفز الي ذهنها

جائها صوت رجل ذو نبره قويه حاجه : الو

بصوت هادىء يملأوه النشوة والسعادة ردت : الو



تمت


مستوحي من قصه حقيقيه 




هناك 7 تعليقات:

  1. شيل شريط الاخبار بتاع الموجز ده يا كابتن ؟:((

    ردحذف
  2. تم بحمد الله تنفيذ المطلوب بنجاح

    ردحذف
  3. واااااااااااااااااااااااااااااااااااو

    دى القصص اللى بحب اقراها اووى بجد ....
    ولما بقراها بتعصب منك انك متكونش عندك استعداد تنزل كتاب لحد دلوقتى ....
    جميلة جدا يا محمد بجد بجد بجد بجد من هنا للسما ..

    ردحذف
    الردود
    1. طيب خليكي معايا للآخر وقوليلي ايه اللى عجبك في القصه

      مشروع الكتاب مش بعيد ان شاء الله .. هو متوقف على امكانيه كتابتى لحاجات جديدة ودا متوقف بقاله فترة للأسف
      دعواتك بقى

      حذف
  4. حلوه اوي يا محمد والله :)

    ردحذف
    الردود
    1. مبدأيا اهلا بيكي في مدونتى العزيزة الغالبه مصر :D
      شكرا لرأيك وزيارتك ... من دا كتير بقى ;)

      حذف
  5. شكر شكرا لا داعي للهتاف :D:D

    ردحذف