برد قارس .. ظلام حالك
منزل متهالك الجدران مقسَّم إلي غرف لا شقق .. يسكنها أسر أفراد
المنزل في منتصف شارع ضيق.. قاتم .. يغلب علي جدران أبنيته تصدُّعات ظاهرة , وشقوق تكاد ترى الجانب الآخر من خلالها
أبنية تحمَّلت أعواماً من الفقر والألم حتي صارت جزءاً من ساكنيها ..تشعر بهم.. تحزن لحزنهم وتفرح لفرحهم
منزل متهالك الجدران مكون من طابقين مقسَّم إلى غرف لا شقق
كل غرفة تحمل حياة بمفردها .. حياة مختلفة تماماً عن الآخر
لكنها جميعاً تتفق في شىء واحد وهو سبب تجمعهم في هذا المنزل المهدد بالسقوط في هذا الشارع الميت بهذة المنطقه المقفرة
الفقر
****************************
.. في الطابق الأرضي ,وفي الغرفه المطلَّة علي الشارع مباشرة
شاب تعدَّى عمره العشرين بقليل .. إسمه حسن
تقوم أمه علي رعايته بعد أن احترق جسده بنسبة كبيرة في حريق ضخم طال المطعم الذعى عمل به منذ عامين
أم حسن سيدة بسيطة .. في الملبس والمسكن وطريقة العيش .. وفي العلم
لم تدري كيف تساعد ابنها سوى أن تعمل لتوفِّر له نفقات العلاج
وبعد بحث مضن عن أي عمل ولم تجد , هداها تفكيرها إلى اقتراض بعض الجنيهات وشراء (خضرة) وإعداد (فرشه) عند ناصية الشارع وجلست تطلب رزقها حلالاً
تمر يومياً من هذا المكان فتجد فرشة أم حسن وقد أخذت من طابع المكان والتحمت به رويداً رويداً حتي صارا كياناً واحداً ..
إعتاد الناس وجودها
******************
في الطابق الأرضي وفي غرفة مظلمة بغير نوافذ تسكن أم محمود .. وحيدة بائسة
تركت نفسها للأيام تأكل من جسدها ما تأكل وينهل الحزم من مآقيها ما ينهل ..
تنتظر أن يطل عليها محمود قريباً حتي تراه.. تشتاق إليه كثيراَ
تعيش أم محمود بمفردها منذ أن هجرها ولدها وسافر إلى مدينة أخرى يعمل بها ويسكن بها هو وزوجته وأولاده .. التي لم تراهم سوي مرات معدوده
محمود الذي أخذ من طاقاتها مالم يأخذ الزمن ونال من دفئها مالم ينله فراشها ..
أول من رسم على وجهها معالم الأيام
كبر وتخرج فى كلية الحقوق .. وأول ما فعله أن أكل ميراث أمه من أبيه
لم يدرِ أنها ادخرته طوال خمسة عشر عاماً لتعطيه له حال تخرجه من الكليه فتعينه به علي مصاعب الحياه ..
محمود
***********************
أمور كثيرة تدفع أم حسن ثمنها دمعاً وآه
توفي زوجها مبكراً ولم يترك لها سوي طفل صغير يسكن ذراعيها .. لا مسكن أو مأكل أو ميراث .. لا شىء يمكن أن يكون سنداً لها ولطفلها .. فقط ستون جنيهاً هم ما تقبضهم من المعاشات أول كل شهر
ترى في عينيها آثار أيام مضت .. آثار فرح مضى مع كل ما مضى في حياتها
تشهد عليها جدران غرفتها ..
يشهد عليها حسن ..
رفيق العمر وصديق الليالي المُوحله
الحبيب الغالي الذي طالته النيران لتحرق قلب أمه قبل جسده
تعبت أم حسن كثيراً ونالها الإرهاق .. أنهكتها طول الليالي وكثرة المآسي وبطء مرور الوقت
عمر بأكمله وهي تكافح لتحيا وتربى طفلها حتي يكبر ويرعاها
وما إن شب حتى أقعدته إصاباته إلى جوارها
***********************
تخرج أم محمود من غرفتها كل ليلة وتجلس قبالة المنزل علي (البسطه) .. تتفقد المارة
قليلة الحديث كثيرة الشرود .. تطلب من الهواء أن يملأ عليها وحدتها
مر بها رجل أعطاها مظروفاً أبيضاً أرسله محمود
طارت فرحاً أن أتي على مسامعها خبر عنه أخيراً .. إنهالت بالأسئله على الرجل ( إزيه؟؟ .. عامل إيه؟؟ .. عايش كويس؟؟ .. هو مش بييجي ليه؟؟ .. مش بيسأل عليا ليه؟؟ ) ودون وعي منها راحت دموعها تتساقط تستقبلها الارض بترحاب المحبين ..
حزن الرجل لحالها كثيراً وأراد أن يخدمها .. فطلب لها محمود من هاتفه وأعطاها الهاتف لتحدثه بنفسها وتطمئن عليه
أخذت منه الهاتف بعد سيل من الدعوات
جاءها صوت محمود أخيراً .. قلبها ينقبض وينبسط .. ينتفض .. صدرها صار أكثر اتساعاً وشعرت بالهواء يدخل رئتيها مجدداً
أخبرته كم أوحشها وكم تشتاق إليه
محمود كثير الحجج دامغها .. لم تأبه لأي من أعذاره المهم أن تطمئن عليه
يطمئنها أن النقود ستصلها فى الموعد كل شهر كما اعتادت
تلح عليه أن تراه هو و أولاده مرة واحدة قبل أن تموت
يدور في الكلام ويتعلَّل
تشعر بالأسي ..
المرارة ..
والكثير من الخوف .. أن تظل ما تبقى من عمرها فقط تشتاق
أنهى المكالمه .. أنهت المكالمه
عادت إلى غرفتها .. إلى ظلمتها .. وإلى وحدتها
************************
إنقطعت أم حسن عن العمل .. لكن فرشتها مازالت في مكانها كجزء لا غنى عنه من الشارع
يوم تلو الآخر ولم تأتِ أم حسن ..
لم يكن الأمر مثار اهتمام شديد .. الناس تنسى بسرعة
لم يقوَ حسن على مواصلة كفاحه .. أنهكه التعب هو الآخر بعد طول الأيام
رحل عن دنيا إلى أخرى
أم حسن لم تعد للعمل مرة أخرى .. الجنيهات التي تقبضهم من المعاشات ستكفيها . فهي لا كهرباء تستخدم ولا ماء تشرب ولا طعام تأكل .. لم تعد تأبه لأي من ذلك
إتخذت لنفسها مكاناً جديداً اعتادت أن تجلس فيه .. على البسطه قبالة المنزل إلى جوار أم محمود
طال بهما الجلوس حتى أنك ترى آثار جلوسهن في الجدار وعلى البسطه
طال بهما الجلوس طالبين من الهواء أن يملأ علهما وحدتهما
ولسان حال كل منهما يردد
قلبي على ولدي .... إنفطر
منزل متهالك الجدران مقسَّم إلي غرف لا شقق .. يسكنها أسر أفراد
المنزل في منتصف شارع ضيق.. قاتم .. يغلب علي جدران أبنيته تصدُّعات ظاهرة , وشقوق تكاد ترى الجانب الآخر من خلالها
أبنية تحمَّلت أعواماً من الفقر والألم حتي صارت جزءاً من ساكنيها ..تشعر بهم.. تحزن لحزنهم وتفرح لفرحهم
منزل متهالك الجدران مكون من طابقين مقسَّم إلى غرف لا شقق
كل غرفة تحمل حياة بمفردها .. حياة مختلفة تماماً عن الآخر
لكنها جميعاً تتفق في شىء واحد وهو سبب تجمعهم في هذا المنزل المهدد بالسقوط في هذا الشارع الميت بهذة المنطقه المقفرة
الفقر
****************************
.. في الطابق الأرضي ,وفي الغرفه المطلَّة علي الشارع مباشرة
شاب تعدَّى عمره العشرين بقليل .. إسمه حسن
تقوم أمه علي رعايته بعد أن احترق جسده بنسبة كبيرة في حريق ضخم طال المطعم الذعى عمل به منذ عامين
أم حسن سيدة بسيطة .. في الملبس والمسكن وطريقة العيش .. وفي العلم
لم تدري كيف تساعد ابنها سوى أن تعمل لتوفِّر له نفقات العلاج
وبعد بحث مضن عن أي عمل ولم تجد , هداها تفكيرها إلى اقتراض بعض الجنيهات وشراء (خضرة) وإعداد (فرشه) عند ناصية الشارع وجلست تطلب رزقها حلالاً
تمر يومياً من هذا المكان فتجد فرشة أم حسن وقد أخذت من طابع المكان والتحمت به رويداً رويداً حتي صارا كياناً واحداً ..
إعتاد الناس وجودها
******************
في الطابق الأرضي وفي غرفة مظلمة بغير نوافذ تسكن أم محمود .. وحيدة بائسة
تركت نفسها للأيام تأكل من جسدها ما تأكل وينهل الحزم من مآقيها ما ينهل ..
تنتظر أن يطل عليها محمود قريباً حتي تراه.. تشتاق إليه كثيراَ
تعيش أم محمود بمفردها منذ أن هجرها ولدها وسافر إلى مدينة أخرى يعمل بها ويسكن بها هو وزوجته وأولاده .. التي لم تراهم سوي مرات معدوده
محمود الذي أخذ من طاقاتها مالم يأخذ الزمن ونال من دفئها مالم ينله فراشها ..
أول من رسم على وجهها معالم الأيام
كبر وتخرج فى كلية الحقوق .. وأول ما فعله أن أكل ميراث أمه من أبيه
لم يدرِ أنها ادخرته طوال خمسة عشر عاماً لتعطيه له حال تخرجه من الكليه فتعينه به علي مصاعب الحياه ..
محمود
***********************
أمور كثيرة تدفع أم حسن ثمنها دمعاً وآه
توفي زوجها مبكراً ولم يترك لها سوي طفل صغير يسكن ذراعيها .. لا مسكن أو مأكل أو ميراث .. لا شىء يمكن أن يكون سنداً لها ولطفلها .. فقط ستون جنيهاً هم ما تقبضهم من المعاشات أول كل شهر
ترى في عينيها آثار أيام مضت .. آثار فرح مضى مع كل ما مضى في حياتها
تشهد عليها جدران غرفتها ..
يشهد عليها حسن ..
رفيق العمر وصديق الليالي المُوحله
الحبيب الغالي الذي طالته النيران لتحرق قلب أمه قبل جسده
تعبت أم حسن كثيراً ونالها الإرهاق .. أنهكتها طول الليالي وكثرة المآسي وبطء مرور الوقت
عمر بأكمله وهي تكافح لتحيا وتربى طفلها حتي يكبر ويرعاها
وما إن شب حتى أقعدته إصاباته إلى جوارها
***********************
تخرج أم محمود من غرفتها كل ليلة وتجلس قبالة المنزل علي (البسطه) .. تتفقد المارة
قليلة الحديث كثيرة الشرود .. تطلب من الهواء أن يملأ عليها وحدتها
مر بها رجل أعطاها مظروفاً أبيضاً أرسله محمود
طارت فرحاً أن أتي على مسامعها خبر عنه أخيراً .. إنهالت بالأسئله على الرجل ( إزيه؟؟ .. عامل إيه؟؟ .. عايش كويس؟؟ .. هو مش بييجي ليه؟؟ .. مش بيسأل عليا ليه؟؟ ) ودون وعي منها راحت دموعها تتساقط تستقبلها الارض بترحاب المحبين ..
حزن الرجل لحالها كثيراً وأراد أن يخدمها .. فطلب لها محمود من هاتفه وأعطاها الهاتف لتحدثه بنفسها وتطمئن عليه
أخذت منه الهاتف بعد سيل من الدعوات
جاءها صوت محمود أخيراً .. قلبها ينقبض وينبسط .. ينتفض .. صدرها صار أكثر اتساعاً وشعرت بالهواء يدخل رئتيها مجدداً
أخبرته كم أوحشها وكم تشتاق إليه
محمود كثير الحجج دامغها .. لم تأبه لأي من أعذاره المهم أن تطمئن عليه
يطمئنها أن النقود ستصلها فى الموعد كل شهر كما اعتادت
تلح عليه أن تراه هو و أولاده مرة واحدة قبل أن تموت
يدور في الكلام ويتعلَّل
تشعر بالأسي ..
المرارة ..
والكثير من الخوف .. أن تظل ما تبقى من عمرها فقط تشتاق
أنهى المكالمه .. أنهت المكالمه
عادت إلى غرفتها .. إلى ظلمتها .. وإلى وحدتها
************************
إنقطعت أم حسن عن العمل .. لكن فرشتها مازالت في مكانها كجزء لا غنى عنه من الشارع
يوم تلو الآخر ولم تأتِ أم حسن ..
لم يكن الأمر مثار اهتمام شديد .. الناس تنسى بسرعة
لم يقوَ حسن على مواصلة كفاحه .. أنهكه التعب هو الآخر بعد طول الأيام
رحل عن دنيا إلى أخرى
أم حسن لم تعد للعمل مرة أخرى .. الجنيهات التي تقبضهم من المعاشات ستكفيها . فهي لا كهرباء تستخدم ولا ماء تشرب ولا طعام تأكل .. لم تعد تأبه لأي من ذلك
إتخذت لنفسها مكاناً جديداً اعتادت أن تجلس فيه .. على البسطه قبالة المنزل إلى جوار أم محمود
طال بهما الجلوس حتى أنك ترى آثار جلوسهن في الجدار وعلى البسطه
طال بهما الجلوس طالبين من الهواء أن يملأ علهما وحدتهما
ولسان حال كل منهما يردد
قلبي على ولدي .... إنفطر
ما شااااااء الله جميله جدا بجد الاسلوب جميل و القصة مؤثرة جداااا
ردحذفkeeeeeeep it up.well done :D
شكرا يا منار
ردحذفنورتى المدونه الجديده لانج :D
هى مؤثرة لأنها حقيقيه في جزء كبير منها :(
أسلوب متميز في سرد الأحداث
ردحذفصادقة .. معبرة ..مؤثره .. أبكتني
تشرفت بزيارتك لي وكل عام وأنت بخير ..
ردحذفقصة مؤثرة وسرد شيق فيه عبرة لمن اعتبر .. سلم قلمك
هبه
ردحذفمنورة النوت بجد
جزاكم الله خيرا على رأيك الجميل
وان شاء الله لما نكتب عن الواقع فى المستقبل يبقى حاجه تفرح مش تبكى
تحياتي
كريمه
ردحذفانا تشرفت بمتابعتك وتشرفت بزيارة مدونتك الجميله وقراءه كلماتك الأجمل
جزاكم الله خيرا
تحياتي
كم هى مؤثرة و أحزنتنى هذه الحقائق و كم هي رائعة كتابتك .. سلمت يمينك
ردحذفشكرا يا اسراء
ردحذفمنورة النوت والله
واوال مرةاعرف ان ليكي مدونه ومتابعه يعني وكدا
جميلة القصة تسلم
ردحذفsun of free dom
ردحذفجزاكم الله خيرا
قصة جميلة ومؤثره احداثها تلامس القلب
ردحذفجميييييييييييييييييييييييييييييلة يا تاكاشى
ردحذفأسماء
ردحذفشكرا جدااا .. انا بحاول اكون عند حسن الظن دايما
اكيييد بجد اللى بتكتبه جميل اوووى لغاية دلوقتى تماااام لو فيه حاجة اكيد هقول
ردحذفرائعه يا تاكاشي
ردحذفومؤلمه جدااااا
وللاسف في ناس كتييييير اوي زي دول
وبيوت اكتر من نفس نوع البيت ده :(((((
أنغام
حذفكنت مروح البيت بعد ما اشتريت العشا ولقيت ام محمود قاعدة على الرصيففى الشارع العمومى بتتفرج على الناس .. وقفت راقبتها شويه .. مابتتكلمش هى بس بتشم هوا وبتغير الوشوش
واول لما روحت البيت مسكت الورقه والقلم وكتبت القصه دى
ممكن اكون ألفت قصه ام محمود لكن قصه ام حسن جارتها حقيقيه جدا
للأسف حوالينا ناس كتير مش متشافين
شكرا على رأيك والكومنت .. نورتيني :)